عودة الحياة تدريجيا إلى أسواق غزة مع تدفق قوافل المساعدات

Donia Meghieb18 أكتوبر 2025آخر تحديث :
عودة الحياة تدريجيا إلى أسواق غزة مع تدفق قوافل المساعدات

رفح الآن- وكالات 

يشهد قطاع غزة بوادر انتعاش اقتصادي نسبي بعد شهور طويلة من الشلل التجاري، مع بدء دخول شاحنات المساعدات والبضائع التجارية عبر المعابر، ما انعكس تدريجيا على حركة الأسواق التي استعادت بعض نشاطها، رغم أن عدد الشاحنات التي دخلت ما يزال أقل بكثير من المستوى المطلوب.

وبحسب المعطيات، فقد دخل إلى القطاع خلال الأسبوع الماضي نحو 900 شاحنة فقط، في حين ينص بروتوكول باريس الاقتصادي على دخول ما لا يقل عن 600 شاحنة يوميًا لتغطية احتياجات السكان الأساسية.

هذا الفارق الكبير جعل من الأسبوع الحالي اختبارا جادا أمام إسرائيل لبدء تطبيق البروتوكول الإنساني بما يضمن تدفق المساعدات بصورة منتظمة.

عودة الحركة

وفي أسواق غزة الشعبية، عادت الحركة تدبّ شيئا فشيئا في الممرات المزدحمة، وبدأت المحال التجارية بإعادة ترتيب رفوفها بعد فترة ركود طويلة.

ورغم محدودية الأصناف المعروضة، فإن المشهد العام يعكس حالة من الأمل لدى المواطنين والتجار على حد سواء، خصوصا مع بدء انخفاض تدريجي في الأسعار نتيجة دخول كميات محدودة من السلع الأساسية والخضروات والمواد التموينية.

ويقول تجار إن الأسعار ما تزال مرتفعة نسبيا لكنها أفضل مما كانت عليه في الأسابيع الماضية حين كانت السلع نادرة تماما.

وبدا المواطن خالد عبد الهادي من مخيم البريج وسط قطاع غزة متفائلا وهو يتجول في أحد الأسواق المحلية، قائلا: “لأول مرة منذ شهور طويلة نرى الأسواق تنبض بالحياة من جديد، مجرد رؤية الشاحنات وهي تدخل إلى القطاع يمنح الناس شعورا بالاطمئنان، وكأن الغيمة السوداء بدأت تنقشع شيئا فشيئا.”

ويضيف: “تحسن تدفق البضائع خلق حركة بيع وشراء لم نشهدها منذ فترة طويلة، حتى لو كانت محدودة”.

ويؤكد عبد الهادي أن الأسواق لا تزال بحاجة ماسة إلى الكثير من الأصناف التي لم تدخل منذ شهور، مثل الألبان المعلبة والمعلبات الغذائية والمواد المنزلية الأساسية.

ويقول: “لا شك أن الوضع أفضل من قبل، لكننا ما زلنا نبحث عن حاجيات يومية غير متوفرة بعد، وهذا ما يجعلنا نأمل في زيادة عدد الشاحنات قريبا”.

وفي مشهد آخر من السوق، يتحدث عبد الهادي بابتسامة وهو يشاهد الأطفال يتجولون بين الأكشاك: “عودة الحياة إلى الأسواق ليست مجرد تجارة، بل هي عودة الروح للناس، الجميع هنا يشعر بأن الحياة تعود تدريجيا، وأننا نقترب من الأيام التي كنا نعيشها قبل الحرب”.

ويختم بالقول: “ما نحتاجه الآن هو الاستمرارية، دخول مئات الشاحنات أسبوعيا لا يكفي، نريد تدفقا يوميا كما كان منصوصا عليه في البروتوكول الاقتصادي حتى تعود الحياة بالكامل”.

بارقة أمل

البائع مؤمن سعدالله في سوق الصحابة وسط غزة، هو الآخر وجد في هذه الأيام بارقة أمل بعد انقطاع طويل عن العمل، قائلا: “عدت إلى موقعي القديم بعد عامين كاملين من التوقف، لم أكن أتصور أنني سأبيع مجددا في السوق، لكن الحمد لله بدأت الأسعار بالانخفاض تدريجيا، وهذا شجع الناس على الشراء”.

ويضيف أن دخوله السوق مجددا أعاد له الأمل في تأمين مصدر رزق لعائلته بعد فترة طويلة من البطالة، “كنت أعتمد على المساعدات فقط، اليوم أشعر أن بإمكاني الوقوف على قدمي من جديد، صحيح أن الأرباح محدودة لكن الحركة عادت وهذا أهم شيء”.

ويشير سعدالله إلى أن انخفاض الأسعار يعود بشكل أساسي إلى زيادة تدفق بعض السلع الأساسية، ورغبة التجار في بيع بضائعهم بسرعة تحسبا لانخفاضات جديدة متوقعة مع دخول كميات أكبر من الشاحنات، مشيرا إلى أن هناك حركة بيع جيدة مقارنة بالأشهر الماضية والناس بدأت تستعيد الثقة في السوق.

ويختتم حديثه بنبرة أمل: “إذا استمر دخول الشاحنات، سنرى السوق ينتعش بشكل أكبر، نحتاج فقط إلى الاستقرار في عملية الإدخال، فكل تأخير يوقف عجلة الحياة من جديد”.

ويرى اقتصاديون أن ما تشهده غزة اليوم من عودة تدريجية للأسواق يمثل بداية مسار طويل نحو التعافي الاقتصادي، فوفقا لتقديرات مختصين، يحتاج القطاع إلى أكثر من ألف شاحنة يوميا من المواد الغذائية والإنشائية والوقود حتى تستعيد الحركة التجارية طبيعتها الكاملة.

ويشير الخبراء إلى أن النقص الحالي في الإمدادات لا يؤثر فقط على السلع الأساسية، بل ينعكس كذلك على أزمة المأوى التي ما تزال تؤرق آلاف العائلات المتضررة والتي تحتاج إلى مواد بناء وإعمار عاجلة.

ويؤكد الاقتصاديون أن الانخفاض النسبي في الأسعار خلال الأيام الأخيرة يعكس بداية تعافٍ جزئي للأسواق المحلية، ناتج عن تطمينات التجار وعودة النشاط التجاري التدريجي بعد شهور من الجمود الكامل.

كما يُعزى هذا الانخفاض إلى رغبة التجار في تصريف بضائعهم بسرعة خشية انخفاضات أكبر متوقعة مع زيادة كميات الشاحنات الواردة عبر المعابر.

ورغم التحديات الكبيرة، فإن المشهد العام يوحي بأن الأسواق في غزة تسير بخطى بطيئة ولكن ثابتة نحو الاستقرار، ومع استمرار دخول الشاحنات وفق الجدول المتفق عليه في بروتوكول باريس، يمكن أن يشهد القطاع خلال الأسابيع المقبلة تحسنا ملموسا في توفر السلع واستعادة الأسواق لدورتها الاقتصادية الطبيعية وهو ما ينتظره المواطنون بفارغ الصبر بعد شهور طويلة من الانقطاع والضيق المعيشي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
موافق