رفح الآن-وكالات
أصدرت منظمة الشفافية الدولية نتائج مؤشر مدركات الفساد (CPI) للعام 2024 لدول العالم، والمتضمن لنتائج الدول العربية، إذ أظهرت نتائج المؤشر أن الفساد لا يزال متجذراً بعمق في العالم، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث لم تشهد المنطقة تقدما يُذكر خلال السنوات الـ 12 الماضية، بالرغم من ارتفاع متوسط درجات المنطقة بنقطة واحدة فقط عن العام الماضي، من 38 إلى 39 من 100، إلا أنه يبقى أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 43%.
ويعد مؤشر مدركات الفساد مؤشراً مركباً يستخدم لقياس مدركات الفساد في القطاع العام فقط، مركزاً على البيئة التشريعية والسياسية والاقتصادية ومستويات وإجراءات الحوكمة في البلدان، حيث يمنح المؤشر الدرجة من صفر الى 100 لكل دولة (الدرجات الدنيا تعني شديد الفساد، والعليا الأكثر نزاهة وأقل فساداً).
وعنونت الشفافية الدولية نتائج مؤشر مدركات الفساد لهذا العام بثيمة “أزمة المناخ”، حيث أوضحت أنه بدون إجراءات شاملة لمكافحة الفساد؛ ستتمكن النخب الاستبدادية من ترسيخ سلطتها المطلقة، مما يترك المنطقة غير قادرة على مواجهة التحديات الملحّة مثل تغير المناخ وإصلاح الحوكمة والتنمية.
أبرز نتائج المنطقة العربية
ووفق النتائج المدرجة، لم تشر نتائج المؤشر إلى تغير ملحوظ في واقع مدركات الفساد في المنطقة العربية، والتي حصلت على 34%.
وبتحليل متفحص؛ حصلت خمس دول عربية فقط على علامات أعلى من علامة 50 من أصل 100 وهي الإمارات، قطر، والسعودية بمعدلات 68%،ـ 59%، 59% تباعاً، إضافة لعُمان التي طرأ عليها تحسنًا في درجاتها على مؤشر مدركات الفساد للعام 2024 خلافا للعام الماضي، حيث سجّلت ارتفاعاً بمقدار 12 نقطة من 42% إلى 55%، وكذلك البحرين، التي ارتفعت 11 درجة من 42% إلى 53% لهذا العام. كما أشارت النتائج أيضا لتقدم لبعض الدول عن العام الماضي، كالعراق بفارق 3 نقاط من 23% إلى 26%، وتقدم الأردن بفارق 3 نقاط من 46% إلى 49%.
كما سجلّت بعض الدول انخفاضاً ملموساً على درجاتها خلافاً للعام الماضي، كليبيا التي سجّلت انخفاضاً بمقدار 5 درجات من 18% إلى 13%، إضافة لتراجع مصر 5 درجات من 35% إلى 30%. فيما راوحت الكويت مكانها دون إحراز أي تقدم أو تراجع، مسجلة 46%، وموريتانيا 30%، أو اختلاف بسيط ليس ذي دلالة، كحصول المغرب 37%، وتونس 39%، أو انخفاض درجتين كالجزائر 34%، ولبنان 22%.
بالمقابل، شهدت الدول التي تعاني من تحديات في مجال الديمقراطية والمشاركة السياسية وحقوق الإنسان والحريات العامة النتائج الأسوأ على مؤشر مدركات الفساد، وهي: (السودان، اليمن، سوريا، الصومال ) بمعدل (15%، 13%، 12%، 9%) على التوالي.
تعاني الشعوب العربية في العديد من الدول من عدم التداول السلمي للسلطة، ما ساهم في إضعاف المشاركة السياسية والمفتوحة في الحياة العامة وعملية اتخاذ القرارات العامة، مما يؤدي إلى زيادة فرص الفساد الكبير، وتراجع احترام حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص والمساواة، وإضعاف نظم الحماية الاجتماعية، خاصة في بعض البلدان التي تعاني من استمرار الحروب والصراعات الإقليمية فيها.
بالرغم من أن كل من الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر والمملكة العربية السعودية تفتقر إلى التداول السلمي للسلطة والمشاركة السياسية المفتوحة، واللذين يشكلان دعامة أساسية لنزاهة الحكم- إلا أن الرفاه الاقتصادي والوفرة المالية والتحول إلى المعاملات الالكترونية في تقديم الخدمات العامة- أثرت بشكل إيجابي على واقع مدركات الفساد فيها؛ بسبب توفر فائض موارد الدول ذات الاقتصاديات القوية. ووفقاً لذلك، أحرزت الإمارات العربية المتحدة علامة عليا بين الدول العربية، وصلت إلى 68%.
على ضوء نتائج المؤشر لهذا العام؛ طالب الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية، الدول التي حازت على أعلى علامات، والتي تمثل الدول الأكثر نزاهة والأقل فساداً على مؤشر مدركات الفساد بأن تمتثل لواجبها الأخلاقي والقانوني لإخضاع المسؤولين الإسرائيليين- مرتكبي الفساد في إدارة الشؤون الفلسطينية- للمساءلة الدولية مثل محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية.
في معرض النتائج، أشار ائتلاف أمان أن مموليه يقعون على رأس قائمة المؤشر، مسجلين الدول الأكثر نزاهة مثل: (الدنمارك 90%، فنلندا 88%، ولكسمبرج 81%، والسويد 80%، وهولندا 78%)، حيث أعربت هذه الدول عن مواصلة التزاماتها الأخلاقية ودعمها لقضية الشعب الفلسطيني، وحقه في الحرية وتقرير المصير.
يرى ائتلاف أمان أنه وعلى الرغم من عدم إدراج فلسطين على المؤشر منذ قرابة 17 عاماً، لأسباب تتعلق بعدم توفر ثلاثة مصادر للمعلومات على الأقل (من بين 13 مصدرا معتمدا عن فلسطين بحسبما يتطلبه المؤشر)، إلا أنها لن تكون أفضل حالا من دول المنطقة لو أدرجت في المؤشر، حيث يوجد تحديات جمة مرتبطة باستمرار الاحتلال الاسرائيلي وممارساته ضد الفلسطينيين، إضافة إلى الانقسام الفلسطيني.
وتعتبر الحروب في المنطقة مصدراً رئيسياً لانبعاث الكربون في الإقليم، ما ساهم في ارتفاع مستويات التصحر وتدهور الأراضي، وفاقم من تحديات التغير المناخي في فلسطين، وهو ما أكده الدكتور يوسف أبو صفية، وزير شؤون البيئة الفلسطيني الأسبق في “الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع تغير المناخ”.
وكذلك الدكتور جاد إسحق، المدير العام لمعهد الأبحاث التطبيقية (أريج)، على الربط بين التعسف وإساءة استعمال السلطة القائمة بالاحتلال وإحكام سيطرتها على الموارد الطبيعية وإساءة استخدامها لسياسة الأمر الواقع في دفن النفايات السامة، ما أثر سلبا على التغير المناخي في فلسطين، وقيّد من وصول الفلسطينيين إلى الأراضي والمياه، وتدمير الغطاء النباتي وتقليل المساحات الزراعية، الأمر الذي زاد من تآكل التربة وأضعف من قدرة الفلسطينيين على التكيف مع تغير المناخ، وبالتالي يؤدي إلى حرمان الفلسطينيين من تطوير أنظمة مستدامة للزراعة وإدارة المياه، ويزيد من معاناة المجتمعات المحلية في مواجهة الجفاف والتغيرات البيئية المتسارعة، مستغلاً عدم خضوع الضباط العسكريين الحاكمين للمساءلة.